منتدى الصحراء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

برقيات إلى المعلمين والمعلمات ج2

اذهب الى الأسفل

برقيات إلى المعلمين والمعلمات ج2 Empty برقيات إلى المعلمين والمعلمات ج2

مُساهمة  omar20 الأربعاء يونيو 10, 2009 2:10 am

علي بن عمر بادحدح


يمكنكم أن تغيروا كل شيء ، لأن عندكم أكبر قوه تغيرية ، وهي القوة البشرية لا تغيير بالقوة المادية ، ولا القوة الإعلامية ، ولا أية قوه أخرى ، وإن كانت هذه لها تأثيرها .


القوة البشرية ، والقناعة الفكرية ، والتربية السلوكية ، والحقائق الإيمانية التي تزرعونها في طلابكم يمكن أن تغيروا ولا يكون التغيير الإيجابي في غمضة عين و انتباهتها ، ولا بين عشية وضحاها ، وإنما لهذا وقته ، ولكن المهم أن تكون مقتنعاً به ، أن تكون متفاعلاً معه ، حينئذ يمكن أن يكون لك مثل هذا الحظ .


وأما هذه النظرات التي أشرت إليها عند إخواننا المدرسين ، وأذكر لهم بعض ما قد يوافق هوى بعضهم من باب الطرافة ، أو من باب التحميس ، أو النظر الى بعض النماذج .. الاستاذ علي الطنطاوي - رحمه الله - له في مذكراته كلام عن المدرسين ، من حيث همومهم ، و تجد أنه يصف لك دور المدرس عندما يصحح الكراريس ما يجعلك تحزن لهذا المدرس حتى كأنك في جنازة و مأتم ، و تجد أنه يعبر بتعبيراته الأدبية بأمور لا يقصدها ولا يعينيها ، و إنما يعبر عن الحقيقة والمعاناة التي لا يلمسها الآخرون ، فهو يعبر عن هذا ثم يقول : و ماذا حظي بعد ذلك ؟ بعض الطباشير التي يقذفها على الطلاب و بعض الامور كذا و كذا … الخ و كما عبر شاعر معلق و معارض لقصيده شوقي :
قم للمعلم ووفه التبجيلا **** كاد المعلم أن يكون رسولاً
قال هذا القائل من أهل التعليم أو من المتعاطفين معهم قال:
شوقي يقول و مادرى بـمصيبتي **** قــم للـمعلم ووفه التبـجيلاً
و يكاد يقلقني الأمير - أمير الشعراء - بقوله **** كــاد المعلم أن يكون رسولا
لو جرب التعليم شوقي مــرة **** لقضى الحياة شقاوة وخمــولا
يا من يرد الانتحار و خـبرتـه **** إن المعلم لا يعيش طويــــلا
و هو إن كان يعاني ، و لكن لا بد أن يدرك هذه القيمة العظمى لأهميته ومنـزلته ، والحديث برقيات والبرقيات لا بد أن تكون مختصره .


ثانياً : ما هو عملكم ؟


1- المعرفة والتعليم
لأن هذا هو الأمر المتبادر الى الذهن ، وهو أن المعلم يعطي الطلاب معلومات يفرغونها ، و يحفظونها ، ثم يسألون عنها فيكتبونها ، وهذا في حد ذاته جزء أساسي لا شك في أهميته ، لكنه ليس وحده كما سيأتي.
فقضية التعليم عندما تفهم بهذا المعنى تكون حشواً للمعلومات في الرؤوس ، و تكون في الوقت نفسه عملية مملة يرى الطالب أنها أثقل عليه من الجبال العظيمة الشاهقة ، لأنها تسرد له المعلومات سرداً ، و يحشى بها عقله حشواً ، ويراد بعد ذلك كما قاله بصراحة أحد الأساتذة أو المدرسين الذين درست عندهم ، وهو درسنا في مرحله جامعية عليا ، فكان يقول : كان المدرسين يجهلونكم 16 عاماً ثم جئتم إليّ لتتعلموا ، ثم قال : المطلوب من كثير من الطلاب - يقصد في اسلوب التعليم - أن يحفظوا اوراق معينة ،ثم يأتي يوم الاختبار فيتقيؤها على الورق ، ثم ينتهي الأمر إلى هذا ، فإذا هذه المهمة ينبغي أن تعرف بقدرها ، وأن تعرف بأساليبها و طرائقها كما سأشير إليها :
أول عمل هو التعليم والتعليم كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم - إنما العلم بالتعلم و الحلم بالتحلم ) له طرائق و له وسائل و له أساليب محببة إلى النفوس ، ومقربة إلى الأفهام و العقول ،هذه كلها ينبغي ان لا تخفى على المدرس .


2- صياغة التفكير
وهذه مهمة عظيمة ، وهذا عمل خطير جداً ، لأن المعلومات وحدها لا تنشئ شيئا ، ولا تقوم معوجاً ، ولا تحرك ساكناً ، ولا تدفع الى فضيلة ، ولا توجه إلى مهمات الأمور ومعاليها ، وأهم ما ينبغي على المعلم أن يضع الأسس الصحيحة للتفكير السليم و للمبادئ التي ينبغي أن تكون مسلمات ، و الأخلاقيات التي ينبغي أن تكون أموراً متعارف عليها ، ومقر بها ، لا خلاف في أهميتها و فضيلتها ، بمعنى أن المعلم يحتاج من خلال التعليم أن يصوغ الفكر الصحيح . مثلاً : هناك كما يقال هزيمة نفسية عند كثير من أبناء المسلمين ، و يرى بعضهم أن المسلمين متخلفون ، وأن غير المسلمين متقدمون ، و قد يرى بعضهم تشويه في أفكارهم..
أيضا هنا تفكيرات أخرى وهي أن قضايا العلم مرتبطة بالأجناس ، و تجد عند بعض الطلاب هذا المعنى يقول لك : يا أخي الغربيون الأمريكيون هؤلاء عقولهم كبيرة هم الذين يمكن أن يخترعوا .. لا يتصور أن يكون في بنى الإسلام أو في بنى العروبة من عنده عقل مبدع أو منتج أو مفكر أو كذا.
هناك أيضا أمور وأسس ثابتة في أمور الدين ، وأمور العقائد ، لا بد أن يتصورها الطالب ، وأن يحسن التفكير في أن هذه لا مساس بها ، ولا مفاوضة عليها ، لا مجاملة فيها ، ولا مداهنة فيها ، إلى غير ذلك هناك أيضا قضايا متعلقة بتاريخ الأمة و بمقوماتها الأخلاقية والفكرية ، و ينبغي أن تكون أيضا من مهمة المدرسين ، وهذه لها أثرها الكبير والعظيم .


3ـ التربية السلوكية والصياغة الفكرية
أحياناً عند الناس نظرات فكرية ممتازة يقول : ينبغي أن يكون كذا والحقيقة أن الأصل هو كذا وهذه الأمور كما قلت في قضية المعلمون هي كذا وكذا.
ولكن ما هو التطبيق الواقعي، إن من الطلاب - خاصة في السنوات الأولى وسنوات الشباب - كثير من صور الخلل السلوكي ، والانحراف العملي والتطبيقي ، فمن مهمة المدرس الأولى ، ومن أعظم وظائفه العلمية ، أن يقوِّم هذه السلوكيات ، وأن يعود الكاذبين على الصدق ، وأن يمنع المنحرفين عن الانحراف ، إلى غير ذلك من الصفات التي قد توجد في كثير من الشباب في مراحل سنينهم الأولى ، وفي فترات المراهقة ، ومقتبل الشباب ، والمرحلة التي يمر بها الطلاب في أثناء دراستهم التعليمية ولا شك أن هذه البصمات التأثيرية السلوكية أهم بكثير جداً من الناحية المعرفية التي ذكرتها أولا ، ولذلك ورد في الحديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) وهذا الحديث رواه الامام مالك ، وقال ابن عبدالبر : روي من وجوه موصوله أخرى و صححه وأخرجه غيره.
هذا المعنى هو الشق الآخر لمهمة النبي – صلى الله عليه وسلم - فلقد بعث معلماً ، وبعث مربياً ، فالتعليم من غير التربية لا يؤتى ثمرته ، بل يكون على العكس من ذلك ، والأحاديث و المعاني الإسلامية في هذا كثيرة .


4 ـ العمل و البناء
من مهمة المدرس عندما يعطي المعرفة ، ويصوغ التفكير ، وينمي التربية والسلوك ، و يوجه هؤلاء الطلاب إلى أن يشقوا الطريق العملي في الحياة والبناء ، وأن يكونوا مبدعين في تخصصاتهم ، وأن يكونوا عاملين لمصلحة أمتهم ، وأن لا يكون هذا كله مرتبطا بنفسية ليست مندفعة للعمل.. بنفسية ترى واقع الأمة فتستسلم له بدلاً من أن تغالبه وتكافحه.
هذه الروح الحركية القوية هي من أعظم المؤثرات التي يحتاج إليها التي هي من مهمات المدرس والمعلم في طبيعة عمله .


ثالثاً ـ ماذا نريد منكم ؟


اذا قلنا لكم من أنتم ؟ وما عملكم ؟ فماذا نريد منكم لتحققوا هذين الغرضين معا ؟


1ـ استشعار المسؤولية
وبدون هذا لا يدرك المدرس منـزلته ورسالته ، ولا يؤدي عمله ومهمته ، ولذلك المنهج الإسلامي ينشأ في على أن الإنسان مسؤول بين يدي الله - عز وجل - ، لكننا عندما ننظر الى التخصيص نجد أن التخصيص قد ورد في أمور بعينها ومنها العلم كما في الحديث المعروف: ( لا تزول قدما عبد حتى يسأل من أربع ... – ومنها- عن علمه ماذا عمل به ).
ومعلوم أيضا أن أول ثلاثة تسعر بهم النار يوم القيامة منهم الذي علم ليقال عالم . ولم يعلم بالإخلاص ، والقيام بالمهمة والمسؤولية كما أراد الله - سبحانه وتعالى -عن أبى الدرداء – رضي الله عنه - أنه كان يقول: " إني لأخشى في يوم القيامة أن يقول لي الله -عز وجل - : يا عويمر، فأقول : لبيك يا رب، فيقول: ما عملت فيما علمت ‎؟.
فعندما يستشعر المدرس مسئوليته حينئذ يمكن أن يعول عليه كثيرا باذن الله - عز و جل - .


2ـ الأمانة العلمية
وهذا يقتضي منه أمور كثيرة ومنها :
أ- الإتقان في مجال التخصص وفي مادته العلمية ؛ فإن هذا من أعظم الأمور المعينة على القيام بمهمته ، فلا بد أن يستزيد دائماً ، وأن يراجع دائماً ، وأن يبحث كثيراً ، وأن يحاول دائما أن يكون متمكناً تمكناً جيداً في تخصصه .
ب - ما أعلنه النبي – صلى الله عليه وسلم - أمام الصحابة وأمام الملأ من المسلمين عندما جاءه سائل يسأله عن الساعة ، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم - : ما المسؤول عنها باعلم من السائل؟ و لا حرج اذا سئل عما لا يعلم أن يقول : لا أعلم فهذه من الأمانة العلمية.
ج‌- أن يقبل من طلابه ومن زملائه ما قد يلفتون نظره إليه من خلل أو خطأ فيما قاله أو فيما أرشد إليه وهذا أمر مهم جداً .


3 ـ مسئوليته عن علمه
فهو المسؤول عن صيانته هذا العلم وحفظه .. بعض المدرسين - و هذا يحصل كثيرا بسبب التكرار ، و بسبب الأمور والأوضاع الإدارية والفنية التي يمر بها المعلم - يتخرج من جامعته فيبدأ بالتدريس و بدلا من أن يستزيد من علمه إذا به يتآكل علمه ، لأنه كان يدرس في الجامعة موضوعات كبيرة ، و كتب كبيرة ، ومسائل دقيقة ، فلما جاء إلى التدريس جاء الى مستوى معين من الطلاب ينبغي أن يعطيهم بقدر ما هو مقرر في المنهج ، وبقدر عقولهم وأفهامهم ، فنـزل إلى مستواهم ، وبقي معهم ، وضيع كل ما أخذه من العلم ما ليس في هذه المناهج ، مع السنوات انتهى أمره الى أنه اصبح متخصص في هذه الكتب ، بمعنى أنه إذا صح التعبير مع التحفظ و الاعتذار للمعلمين ، مثله مثل الطالب الذي يتمرس في المنهج ، لو أن طالب درس المنهج و رسب أعاده مرة ثانية أو درس دروس خصوصية أو كذا ، يقولون : هذا طالب معيد يعني عنده خبره ، يمكن أن يكون مدرس مثل المدرس ، ولا فرق بينه و بين المدرس الذي ذكرنا وصفه ، لماذا ؟ لأنه حصر نفسه في هذا الجانب ، لذلك ينبغي للمدرس أن لا يكون بهذا الأمر .


4ـ التواضع ولين الجانب
الحقيقة في بعض الأحوال تجد المدرس يفتعل الهيبة والوقار ، وهما أمران مهمان للمدرس ولشخصيته ، لكنه يظنها أو يتصور هذه الهيبة وذلك الوقار والاحترام بصورة خاطئة ، فلا يمكن أن تفتر شفتاه عن ابتسامة ، ولا يمكن أن يأتي إلا مقطب الجبين ، مكشّر الوجه ، ولا يسمع منه الجاد والحاد في الوقت نفسه .
ويرى الطالب حينئذ أنه أمام عقبة صعبة شديدة قاسية مغلفة ، فلا يمكن أن يكون هناك واصل بينما التواضع ولين الجانب له أثره الكبير في أداء المهمة التعليمية والتربوية والسلوكية التي أشرنا إليها ، لذلك بعض المدرسين القدماء أحيانا يوصون بعض زملائهم الجدد : إحذر أن تقول كلام هين ، ولا تصاحب طالباً ، ولاتقدم أي صورة من صور التواضع و اللين .. و هذا خطأ .[b][center]
omar20
omar20
Admin

المساهمات : 59
تاريخ التسجيل : 08/06/2009
العمر : 27
الموقع :

https://mabr.own0.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى